دكتور كيلاني: مصر تغيرت وإصابات الأطفال بالعمى هزت مشاعري

عملية إحضار الجرحي الى النمسا صعبة ومكلفة ولهذا فكرنا في الإتجاه المعاكس والسفر لمساعدة الجرحى في  مصر

الزملاء ألأطباء المصريين بذلوا جهودا جبارة من أجل مساعدة الجرحى فور إصاباتهم

الدكتور مصطفى سليمان, والدكتور طارق عفيفي بذلوا جهودا خاصة من أجل حث ألآخرين على المشاركة في الفريق الطبي والأطباء النمساويين سيعودون لمصر في العاشر من حزيران. وأطراف صناعية ستقدم لعدد من المصابين

الثورة غيرت كثيرا في طبيعة الناس, وكانت بمثابة غسيل دماغ ايجابي للمصريين

تأثرت كثيرا باصابات الأطفال العينية بين جرحى الثورة المصرية وخاصة الطفلتين اللتين اوقعت الكشف عليهما خلال الحملة الطبية التطوعية لمساعدة جرحى الثورة المجيدة, والتي كان قد نظمها إتحاد الأطباء العرب ورابطة الثقافة العربية خلال الشهر الجاري. بهذه الكلمات أجاب الدكتور  تمام كيلاني على استفساري الموجه له حول رحلته على رأس وفد الأطباء النمساويين, الذين زاروا مصر مؤخرا بهدف معاينة جرحى الثورة وتقديم العلاج اللازم لهم وفق الأمكانيات المتاحة للوفد

لقد اثرت بي تلك الطفلة الصغيرة البالغة من العمر سبع سنوات والتي اخترق الطلق الناري عينها اليمنى وخرج من عينها اليسرى مما أدى الى قطع العصب البصري في عينها اليمنى وإصابتها بالعمى وإحداث ضرر بالغ في عينها اليسرى, التي تكاد ان ترى فيها بصعوبة بالغة وذلك بعد سلسلة العمليات المعقدة التي أجريت لها في عينها

يقول دكتور كيلاني بان الطفلة قد اصيبت بالطلق الناري وهي تعبر الشارع, ثم يصمت برهة ويسترجع في ذاكرته الأصابات العينية الأخرى التي شاهدها ويقول: هناك طفلة أخرى تألمت كثيرا لإصابتها, فقد أصيبت الطفلة بطلق ناري في عينها وهي تجلس في شرفة المنزل مما أدى الى فقدانها نعمة الإبصار. وكذلك اصيب كل من أخيها وابن خالها في نفس الحادثة, وكانت جميع إصاباتهم عينية. لقد تألمت كثيرا لهول مصيبة هذه العائلة المصرية التي اوقعت الكشف على ثلاثة من أفرادها في المركز الطبي في مصر.

ويصف دكتور كيلاني الإصابات العينية بانها إصابات قاتلة وذلك لان العين هي جزء من الدماغ, والتمزق فيها لا يمكن اصلاحه على وجه التحديد. ويقول بانه خلال زيارته القصيرة قد اوقع الكشف على الكثير من الجرحى وان الحالات التي شاهدها كطبيب عيون خلال أربع أيام لم يكن ليشاهدها في حياته خلال ثلاثين عاما من العمل الطبي والجراحي في النمسا, وكذلك في اوروبا وسوريا. ففي مصر شاهدت كل ما لم أشاهده من إصابات خلال مسيرة عملي الطبي. لقد شاهدت جرحى عيون وحالات صعبة, شاهدت حالات وعمى واخرى ميؤوس منها. والشىء المؤثر جدا هو وجود عدد من الجرحى ممن لديهم اصابات في كلتا العينين. إضافة لذلك فان ما يزيد على ثلثي المصابين والبالغ عددهم 800 هم إصابات عينية وبعضهم أصيب بطلق او اثنين او ثلاثة في عينه. وهذا النوع من الإصابات هي اصابات رش او يسببها استخدام  الرشاش. وقد وقعت معظم هذه الإصابات في يوم الثامن والعشرين من أيار الماضي


ويعمل الدكتور تمام كيلاني, طبيب وجراح العيون, رئيس اتحاد ألأطباء والصيادلة العرب النمساويين, ونائب رئيس إتحاد الاطباء العرب في اوروبا جاهدا في التوفيق بين عمله التطوعي والخيري وواجبه الأسري والإجتماعي. ورغم كونه رب أسرة مكونة من اربعة أفراد – ابنتين وطفل وزوجة – وان أسرته تطمح في قضاء مزيد من الوقت معه, شأنها كغيرها من الأسر التي تستمتع بالوقت مع وجود رب الأسرة, إلا أنه يولي اهتماما خاصا بالعمل الخيري والثورات العربية وتقديم المساعدات الطبية. ويقول بأن الوقت يؤخذ ولا يعطى. وان كل من لديه خطة لعمل شىء ما, فإنه دون شك سيجد متسعا لتحقيقه. لا شك ان العائلة تعاني من هذا الشىء, ففي نهاية ألأسبوع المنصرم كان لدي مؤتمر طبي في المانيا, فخاطبني ابني حسن قائلا: “بابا  دائما طيران, حتى في نهاية ألأسبوع لا نجدك بيننا, وطلب مني ان ابقى معهم يومين أو ثلاثة”. ومع ذلك كان ينبغي ان أسافر لحضور المؤتمر, ولدى عودتي من المانيا كنت مضطرا لمتابعة نشاط حملة التبرع في الدم في المركز الإسلامي. والحمد لله فقد كانت حملة موفقة وناجحة


هكذا اعتادت أسرة الدكتور كيلاني على سفره وعمله الخيري الذي تدعمه وتسانده. بل  وان زوجته وهي بطبيعتها هادئة ولطيفة تشاركه الكثير من النشاطات الخيرية. وتمد يد العون للمحتاجين وتقف الى جانبه داعمة لنشاطاته دون تذمر, ليصح بذلك المثل القائل: انه وراء كل رجل عظيم امرأة

هذا ويولي دكتور كيلاني الثورات العربية مزيدا من الأهتمام, ويخطأ من يعتقد بانه قد أغفل أيا منها. بل انه قدم وما زال يقدم الدعم لجميعها, وان هناك الشىء الكثير الذي قدمه وما زال يقدمه بعيدا عن الصحفيين وأصحاب المدونات والمواقع الإلكترونية, وبعيدا حتى عن أقرب المقربين منه. هناك إستثناءات هو ليس ملزم بتفسيرها الينا أو الى المتطفلين

أما حول رحلتة الى جمهورية مصر العربية واهدافها فقد حدثنا صراحة دون حرج قائلا: بأن إتحاد الأطباء العرب ورابطة الثقافة العربية قد فكروا في مساعدة جرحى الثورة في مصر. حيث نظمنا في شهر شباط المنصرم حفلا خيريا انعقد في فندق “المودول” وذلك بهدف مساعدة أهالي الشهداء. وقد قدم ريع الحفل إلى 22 أسرة من أسر الشهداء. بعدها فكرنا في الجرحي وكيف نستطيع مساعدتهم. ففي مصر قرابة 800 جريح. وهم بحاجة الى مساعدة طبية أو غيرها


وأضاف: بأن عملية إحضار الجرحى الى النمسا عملية  صعبة ومكلفة في نفس الوقت, رغم أن هناك من عمل – مشكورا – على استقدام سبع حالات من مصابي الثورة المصرية. ولهذا فقد  فكرنا في الإتجاه المعاكس وهو نزول الأطباء من النمسا الى مصر,وتقديم ما يمكن تقديمه للمصابين. وقد تم تشكيل وفد طبي مكون من 14 طبيب من الجراحين بينهم اطباء اختصاص في جراحة العظام وأطباء عيون وآخرين من مختلف التخصصات. وقد سافر الوفد الطبي الى مصر  في السادس من  شهرأيار الجاري. وقد تم ايقاع الكشف على الكثير من الجرحى.

ويوضح دكتور تمام في سياق حديثه بان العمل الطبي قام به أطباء نمساويون, اما المبادرة فقد كانت مبادرة رابطة الثقافة العربية والدكتور مصطفى سليمان أخصائي الأعصاب, والدكتور طارق عفيفي, وهم جميعا أعضاء في اتحاد الأطباء والصيادلة العرب, ولكنهم قاموا بدور مميز وبذلوا جهودا خاصة اتصلوا خلالها بالأطباء النمساويين وجندوا عددا كبيرا من بينهم من أجل المشاركة في الفريق الطبي

وأضاف دكتور تمام: بأن الخبر السار هو ان هؤلاء الأطباء النمساويين سيعودون مرة ثانية الى مصر وذلك في العاشر من الشهر القادم. وقال: هناك ثلاثة أطباء سيعودون الى مصر من أجل استكمال عملياتهم, حيث أجرى هؤلاء الأطباء في زيارتهم الأولى عمليات للمصابين يتم إجراؤها على مرحلتين او ثلاثة, ولهذا فهم سيعودون لاستكمال عملياتهم وعملهم الأنساني التطوعي

وذكر دكتور تمام بان موفدا من إحدى الشركات النمساوية قد رافق الوفد الطبي في زيارته لمصر وذلك من اجل معاينة المصابين ممن هم بحاجة الى أطراف صناعية. وقد أاجرى موفد هذه الشركة مقاسات للأطراف الصناعية للمصابين. وسيعود مرة ثانية الى مصر من اجل تقديم الأطراف الصناعية – تطوعا – للجرحى الذين تمت معاينتهم

الثورة مكسب لمصر وغيرت شعبها

يقول دكتور تمام بأن الشىء الملفت للنظر هو أن الثورة المصرية قد غيرت كثيرا في طبيعة الشعب المصري. فأي شخص كان يتردد على زيارة مصر قبل الثورة وبعدها فإنه يلاحظ التغيير في طبيعة تفكير الشعب المصري, بحيث يشعر الواحد بان الثورة قد كانت بمثابة غسيل دماغ ايجابي للمصريين. فالشعب لم يعد كما كان عليه سابقا في عهد النظام البائد لا يستطيع الحديث ولا يعرف سوى الخوف.فقد عاد الشعب المصري الى عهده الأول – عهد العزة والكرامة والشجاعة

وضرب د. تمام امثلة من خلال تجربته الخاصة وقال: بان التغيير قد طال حتى طريقة التعامل مع الشرطة. ففي الماضي لم يكن الشرطي ليجيب على ألأسئلة فيما لو استفسرته عن شىء. أما اليوم فهو لا يجيب على سؤالك فقط, بل هو مستعد للتوقف معك ليجيب على أسئلتك ويشرح لك ويرشدك الى وجهتك

وأضاف: بان حادثين وقعا معه شخصيا في مطار القاهرة. الحادث الأول وقع قبل سبع سنوات, عندما دخلت المطار بشكل عابر “ترانسيت” حيث عوملت معاملة سيئة للغاية. أما الحادث الثاني فجاء خلال هذه الزيارة, إذ عوملت بشكل خاص في المطار, حيث استوقفني شخص لا ادري إن كان من الأمن المصري أم غير ذلك, ولكنه قدم لي التحية وقال لي مخاطبا بانه قد شاهدني في التلفزيون, ورحب بي في مصر وطلب مني الأنتظار لحظة, ثم عاد حاملا  كيسا به هدايا من السوق الحرة, ( قطع كرستال, كلونيا, حقيبة, …) وقدمها هدية لي.  كانت لفتة طيبة وكريمة من هذا الشخص المسؤول. ليس لأنه قدم لي الهدايا, ولكن لأنني شعرت بأن طريقة التعامل مع الأجهزة الأمنية قد تغيرت, بحيث عاد المسافر ليشعر بالراحة وهو يتحدث او يقف مع واحد من افراد الأمن في المطار. فالطريقة قد تغيرت في التعامل مع الغريب والزائر, وليس كما كان الأمر عليه بالأمس إذ يعامل الزائر الغريب كمجرم حتى يثبت العكس من ذلك

ويقول دكتور تمام بانه قد زار ميدان التحرير في رحلته القصيرة والتقط بعض الصور فيه,  فقد تحول ميدان التحرير الى منتزه للناس. فالناس تجلس فيه لتناول وجبات الطعام والمرطبات, ومقابلة الأصدقاء وقضاء بعض الوقت معهم. وإذا ما أراد شخص انقاص وزنه, فهو يدور حول الميدان عدة مرات. لقد أصبح الميدان رمزا للشعب المصري

ويكشف دكتور تمام عن جانب آخر من رحلته فيقول بأنه قد التقى خلال حفل عشاء مع عدد من السياسيين المصريين الذين عرفهم قبل ذلك, ومن بينهم سفراء التقاهم أثناء عملهم في أوروبا. ويقول أنه شعر بان التغير قد طالهم بالفعل, واصبحوا وأصبحوا من عامة الشعب بعيدا عما كانوا عليه من قبل

ومع ذلك عاد دكتور تمام مع الوفد الطبي الى النمسا دون زيارة الأهرامات. قال انه كان يتوق لزيارتها, ولكن ضيق الوقت وانشغاله بالجرحى لم يسمح له القيام بذلك

جدير بالذكر بان هاتف دكتور تمام قد تكرر رنينه ونحن نتحدث اليه. فقد كان على موعد لتقديم شحنة من ألأدوية الى ليبيا. قال دكتور تمام بانهم قد ارسلوا شحنة من الأدوية عن طرق تونس –مصراته وانهم سيرسلون في غضون هذا ألأسبوع شحنة أخرى عن طريق تونس- بتغازي, وفي يوم 18 أيار سيقام حفل خيري لصالح الجرحى في ليبيا في فندق المودول

وعلى صعيد دعم الثورة التونسية قال باتهم سيزورون تونس,  وسيتم افتتاح مركز طبي في مدينه الشهيد بوعزيزي مفجر الثورات العربية

هناك أشياء أخرى يقدمها دكتور تمام ويرفض الإفصاح عنها, نحن نحترم رغبته, رغم علمنا بما يقوم به, ولكن ليس كل ما يقوم به المرء من عمل خيري وخاصة في مجال تقديم الدعم للثورات يمكن الحديث عنه. فهناك أحكام وهناك ضرورات نتفهمها, وإذا كان الكلام من فضة فالسكوت من ذهب

وفي نهاية الحديث اكد الدكتور الكيلاني شكره الكبير لجمهورية النمسا حكومة وشعبا لموقفها الانساني في مساعدة الجرحى وكذلك الزملاء النمساويين والعرب
وخص بالذكر الاستاذ مصطفى عباس رئيس رابطة الثقافة العربية الذي كان له دورا كبيرا في تنظيم هذه الحملة الطبية وكذلك الدكتور مصطفى سليم والدكتور طارق عفيفي والدكتور سمير شنودة والدكتور محمد فهمي وعقيلته الذان بذلا جهدا كبيرا في ترجمة اقوال وشكايات المرضى للزملاء النمساويين

Austrian Flag
Bild aus dem Parlament
000_5151A
000_2207A

Advertising? Werbung? Click on the picture below. Klicken Sie auf das Bild unten. kawther [dot] salam [at] gmail [dot] com

000_8696b_edited-1

Advertising? Werbung? Click on the picture below. Klicken Sie auf das Bild unten. kawther [dot] salam [at] gmail [dot] com

Related Books


Support this site by buying these books at Amazon. Thank you!

000_4195A
000_4229A
000_1418A
Der Stephansplatz

Der Stephansplatz

Johann Strauß

Johann Strauß

000_8728

Volksgarten

Nikon (57)

Kurpark Oberlaa

000_2638A

Verbrechen in Israel

Add to Netvibes Creative Commons License